انتقادات شرعية وقانونية لاذعة حول مشروع القانون المقترح بمجلس الشعب المصري لحضانة ورؤية الأطفال بين المطلقين. هذا ما شهدته ندوة “قانون الرؤية والحضانة”، والتي عقدتها لجنة المرأة بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية المصري، بالتعاون مع المركز المصري لحقوق المرأة الخميس29-1-2009م.

فمن جانبه اعتبر الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن مشروع قانون حق الرؤية المقترح يحاول أن يعالج مشكلة خطف الأطفال من الحاضنة، لكنه في الوقت نفسه يمنع الأب من ممارسة حقوقه، حين يمنعه من حرية الانفراد لمدة كافية بطفله، ويجعل تلك الرؤية بإذن مطلقته.

وأضاف: “لا ينبغي أن نحل مشكلة على حساب مشكلة أخرى، ولا يمكن القبول بأن ينص في قانون أن تكون رؤية الأب لابنه أو ابنته في مكان إقامة الحاضنة التي غالبا ما ستكون مطلقته؛ مما يعني وضع قيود في تلك الرؤية، خاصة أن علماء الشريعة جعلوا رؤية الأبناء في مكان مناسب”.

التأثير على الطفل

أما الدكتورة سعاد صالح، رئيسة لجنة المرأة بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، فأكدت أن القانون المقترح وغيره من القوانين يؤثر بشكل يشق على نفسية الطفل، وتفصله عن طرف لصالح آخر، مع أن الأسرة تشمل الأبوة والأمومة والرحمة.

وأوضحت أن قانون الرؤية عندما ينص في أحد بنوده على رفع ولاية الأب في حالة امتناعه عن النفقة أو لأي سبب من الأسباب فذلك أمر مخالف لما تأمر به الشريعة الإسلامية؛ حيث إن التربية في الإسلام من اختصاص الأب، ولا يمكن أن يتم سلب هذا الحق.

وأشارت أن عامل التربية أمر مهم، وينبغي أن تتم العودة إلى التقليل من سن الحضانة للطفل كي يعود إلى الأب لتربيته، بحيث يكون سن الحضانة حتى 15 للفتاة، و10 للصبي، مؤكدة أن مواد القانون المقترح في رؤية الأبناء هو موضوع تجاه الأب.

وأكدت أن ما احتوى عليه قانون الرؤية من تقييد رؤية الآباء لأبنائهم أمر مرفوض، ودللت على ذلك بتأكيد القانون على أن تكون رؤية المحضون في بيت الحاضنة، وأن يكون بإذنها وهو ما يضع حاجزا للأب في ممارسة دوره مع أبنائه من مطلقته.

وأضافت الدكتورة سعاد أن القانون به تمييز واضح لصالح المرأة حين ينص على جواز أن تقوم المرأة بالسفر مع طفلها لمدة عام خارج مصر، كما تريد وكما تشاء، بينما يضع القيود والضوابط على الأب، وينص على عقوبة تصل للحبس والغرامة لو قام بالسفر مع طفله، ويسمح له فقط بالسفر داخل الدولة.

انتقاد قانوني

أما المستشار عبد الله البجا، نائب رئيس محكمة استئناف القاهرة، فيفند القانون من رؤية قانونية، حين يرى أن قانون الرؤية خالف حق المساواة القانونية التي تراعى عند فرض أي قانون، وذلك حين يجعل مسألة رؤية الأب لابنه في يد مطلقته وفي مكان إقامتها، وبإذنها، ولمدة لا تزيد على ثلاث ساعات.

وأشار إلى أن هذا المقترح يتطلب الرجوع بسن الحضانة إلى 10 سنوات للولد و15 للفتاة حتى يتمكن الوالد من ممارسة دوره التربوي.

وأوضح أن مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي تجعل بذلك رؤية الوالد لأبنائه 3 ساعات فقط، وفي مكان الحاضنة، مطالبا بضرورة أن يتم تعديل المسألة بشكل قانوني، ويحقق المساواة، بحيث يسمح للأب أن يستضيف طفله الصغير يومين في الأسبوع ويوما في الأعياد الدينية وإجازات العام.

وشدد على ضرورة أن يكون هناك إلزام قانوني للحاضنة بالسماح للأب برؤية ابنه، فإن أخلت، رفع عنها الحضانة لفترة مؤقتة، على أن يعدل نص المادة المقترحة بسفر الطفل للخارج مع حاضنته دون الأب إلى جعل سفر الطفل بموافقة الطرفين تحقيقا للعدل.

بينما انتقدت المستشارة نجوى الصادق قانون الرؤية والحضانة في مادة اشتراط رؤية الأبناء في مكان إقامة الحاضنة، وأشارت إلى أنه كان ينبغي أن ينص على أن تكون الرؤية في مكان محايد، كاشفة عن قيام محاكم الأسرة في مصر حاليا بإقامة حدائق لرؤية الأبناء.

تخوفات

نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصري لحقوق المرأة عرضت لعيوب القانون المقترح، والأسباب التي أدت إلى أن يقترح مشروع قانون للرؤية والحضانة، وأوضحت أن أهم سبب هو وجود تخوفات دائمة حول الرعاية المشتركة للطفل، خاصة مع وجود انفصال.

واعتبرت أنه كان من الأفضل لعلاج تلك المشكلات هو اللجوء للقضاء السريع بمحاكم الاستئناف، وأنه في حالات خطف الأطفال لابد أن يتدخل الأمن سريعا للوصول إلى الطفل وإعادته للحاضنة قبل اختفائه، وذلك بدلا من فرض قيود قانونية تمنع الأب من التعامل بحرية مع طفله.

وأشارت إلى أنه بدلا من فرض مادة قانونية تنص على منع تحرك الأب مع طفله بحرية، خوفا من اختطافه والسفر به إلى الخارج أن توضع أسماء أطفال الرعاية المشتركة، البالغ عددهم الآن 7 ملايين طفل على قوائم الممنوعين من السفر.

وحذرت من إمكانية أن يؤدي إصدار قانون يؤدي إلى عدم التوازن بين إعطاء الأبوين حقوقا متساوية في رعاية أبنائهم في حالة الانفصال إلى ظهور مزيد من العنف وتنشئة أجيال غير أسوياء.

وشددت على أن الولاية والحضانة ليست قواعد جامدة أو مطلقة، وإنما يجب أن يكون المعيار الأساسي فيها مصلحة الطفل وتربيته في بيئة آمنة وصالحة نفسيا واجتماعيا.

واعتبرت كاميليا شكري خبيرة تنمية أن القانون المقترح في رؤية وحضانة الأبناء لا يحقق مصلحة الأطفال؛ حيث سينزع منهم سلطة الأب، وقدرته على تربيتهم، حيث وضع لعلاج أشياء استثنائية على رأسها خطف الآباء للأطفال.

انتقادات مؤسسية

وكان المركز المصري لحقوق المرأة قد أعد نقدا موضوعيا لعدد من مواد قانون الرؤية المقترح، فحول المادة الثالثة التي تنص على أن يكون حق الرؤية في محل إقامة المحضون وجوبيا، وذلك بالنسبة للصغير الذي لم يبلغ التاسعة من عمره، أكد المركز أن هذا الوضع لن يجعل هناك خصوصية في العلاقة بين الأب وابنه في الحوار.

كما اعتبر المركز المادة الخامسة نوعا من التقييد؛ حيث تنص على أنه يجوز لغير الحاضن عند بلوغ المحضون 12 عاما أن يطلب اصطحابه داخل الوطن لفترة محددة وبإذن المحضون، ولا يكون حق الاصطحاب ساريا إلا بعد صدور حكم من المحكمة المختصة بمنع سفر المحضون خارج البلاد.

كما رفض المركز المادة السادسة التي تنص على أنه يجوز لمن له حق الحضانة السفر بالمحضون خارج البلاد بشرط ألا يكون في السفر إضرار به، ودون إخلال بحق غير الحاضن في رؤية المحضون رمة كل عا.

وأوضح أن سفر المحضون مع الحاضنة خارج البلاد وغياب المحضون عن الطرف غير الحاضن “الأب” لفترة عام لا يعد من القانون والعدل والشرع أو الإنسانية.

واعتبر المركز أن مادة معاقبة الأب بالحبس لمدة سنة وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 50 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين إذا لم يعد المحضون إلى الحاضن أنها مادة لتصيد الأخطاء والنكاية، وباب للافتراءات؛ حيث يقدم القانون بذلك للطرف الحاضن أن يحرر محضر بوقائع ربما لا تكون صحيحة حتى تحصل على أموال، ويحبس الطرف غير الحاضن، بل ويحرم من اصطحاب المحضون لباقي فترة الحضانة.

صبحي مجاهد / إسلام أون لاين