إن المكان الوحيد الذي أستطيع أن أسند رأسي اليه وأنام فيه مرتاحاً مطمئناً . . هو حِجْر أمي
أمي الحبيبة…أمي الحنونة…امي يانبع الحنان..امي ياسبب وجودي بالحياة
إنني امتطي لك صهوة خيالي ..
لعلي اصل إلى مرتع الكلمات في داخل أعماقي..
ولعلي أجد بينها أعذب
وارق واروع الحروف لاقدمها لك من صميم فؤادي في حلة تخطها لك أناملي
بكل إجلال وتقدير …
ولكنني أخاف أن تنقص في حقك ولاتوفيه…
أمي يا ملكة الحنان … يا نبع السعادة…انظري هاهي سحابات الحزن تجتمع في سماء مقلتاي…
فتهطل من خلالها
دموعي شوقا ولهفتا إلى رؤيتك…فلم اعد يا أمي الحبيبة أجد من يجفف هذه الدموع سواك…
ولم اعد أجد من يرسم لي الابتسامة على شفتاي سواك..
أصبحت بعدك أعيش في عالم غريب لا يحيط به سوى
الغربة والوحدة والبعد ونيران الشوق إليك…
فأين تلك هي السعادة التي كنت أعيشها إلى جوارك وفي قربك فإنني لم اعد أجدها بدونك…
أمي الحبيبة كم كان صوتك العذب يداعب مسمعي كل يوم ليلا ونهارا عندما كنت تتحدثين…
وكم كان هو عطفك علي عندما كنت احتاجه لحظة الهموم وضيقة البال…
أمي فأين أنا منك الآن؟…أين…؟ لقد قتلني الزمان بحرماني من رؤيتك…وقتلني بطول المسافات بيننا…وقتلني بمرور الساعات والأيام والشهور والسنين دون أن اسعد بلحظة ألقاك فيها…سوى لحظات موءودة التقيتك فيها وذهبت كالسراب…
إنني يا أمي , انظر إلى نفسي الآن فماذا تكون فوجدتها أوراق متناثرة على ارض الغربة..تنثرها الرياح هنا وهناك…فالمكان الذي لست فيه يا أمي مقفر والحياة بدونك صحراء قاحلة…فأنت يا أمي ربيع العمر وأنت الحياة ففي قربك رياض الجنة وفي بعدك براكين النار…انك يا أمي سيدة هذا الكون الذي أعيشه وسيدة السماء في ارضي ودفء الحياة في عمري…فأنا يا أمي احتاجك في كل وقت وفي كل زمن وفي كل مكان…فأنا لم اعد إلا سوى أقلام مكسرة لاتقوى أن تسير على صفحات الزمان لتخط لطريقها حروف السعد والهناء….وجسد صامت لا يقوى على الحراك بين كثبان ورمال الغربة والوحدة…فأنا لا اشعر بوجودي بدونك يا أمي…فكل يوم يمر علي أناجيك و أناديك فأجد الصمت هو من يرد علي وهو رفيقي الدائم…
أمي يامن نبت حبك في وجداني وكبر مع مراحل عمري ,
أمي أيتها الشمعة التي كانت تسهر بضيائها لتنير ظلام ليلي عند سهري وعند ألمي ….
هل لنا لقاء آخر يجمعنا إلى الأبد ولا أفارقك لحظة واحده؟…
إنني احتاجك وبشدة…فمهما بحثت بكل هذه الدنيا عن عيون اشد إليهما الرحال فلن أجد سوى عيناك…
ومهما بحثت عن قلب حنونا فلن أجد قلبا كما هو قلبك….
لم يبقى لي سوى سؤالي للزمان…
هل سيجمعني بيوم من أيامه بك لاعيش في ملكوت عطفك وقربك وحنانك ودفء وجودك…
لا اعلم..؟…
فربما ترق الأيام ويحن الزمان وتعطف قسوة الحياة علي ويتحقق الأمل والرجاء والعودة إلى مملكتك التي ولدت بها وترعرعت عليها وعشت طفولتي فيها…
أمي ستبقين في قلبي مهما كانت الظروف وسيبقى شوقي إليك هو دمي الذي يجري في عروقي
مع جزيل الشكر للأخت
هبه حسين